تحذيرات من توسع ثقافة الكراهية والعنف شمالا.. مسلحون يستولون على أراضي وعقارات لجنوبيون في تعز ويطالبونهم بالرحيل
يمنات – خاص
بدأت ثقافة الكراهية والفرز المناطقي "شمالي جنوبي" بالظهور كسلاح جديد لتفتيت البلد الذي تكاد أوصالها تتناثر عن بعضها.
وظهرت أولى المؤشرات اليوم الثلاثاء في مدينة تعز، كردة فعل على ما حصل في عدد من المحافظات الجنوبية، حيث أقدم مسلحون بالاعتداء على أملاك جنوبيين في حي الحوبان شرق مدينة تعز.
ظهور ردة الفعل في مدينة مسالمة كـ"تعز" مؤشر خطير على قادم لا يحمد عقباه، ودليل على وجود طرف ثالث يسعى لتأزيم الأوضاع وتسميم الأجواء قبيل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي من المقرر عقده في الـ18 من الشهر القادم مارس.
بدأت ثقافة الكراهية تتنامى في المحافظات الجنوبية منذ ظهور الحراك الجنوبي في العام 2007م، عندما بدأت جماعات تدعي انتماؤها للحراك بتغذية ثقافة الكراهية ضد كل ما هو شمالي، وذلك عندما بدأت بالبحث في الأنساب ومحلات ميلاد الأجداد.
وفيما كانت قيادات في الحراك تنفي علاقة الحراك بمثل هذه السلوكيات، رجح مراقبون أن تكون تلك الجماعات على علاقة بأجهزة استخباراتية، تهدف إلى تعميق ثقافة الكراهية، لجر الشمال لمواجهة الجنوب شعبيا.
وإن كانت هذه الثقافة قد خفتت بعد تفجير ثورة الشباب السلمية في الـ11 من فبراير من العام 2011م، إلا أنها عادت من جديد مرة أخرى بعد تشكيل حكومة الوفاق واعتماد المحاصصة والتقاسم بين الفرقاء السياسيين، ما أشعر الجنوبيون بالإحباط من التغيير،وأن ما جرى مجرد تبادل للأدوار.
وزادت ذروة هذه الثقافة على إثر القمع والقتل الذي واجهت به قوات الأمن والجيش مناصري الحراك الجنوبي يوم الـ 21 من فبراير الماضي في مدينة عدن، عندما أصرت قيادات تجمع الإصلاح والسلطة المحلية في عدن على إقامة احتفالية في عدن بمناسبة الذكرى السنوية لجلوس هادي على كرسي الرئاسة.
إصرار الاصلاح على إقامة الفعالية في ساحة العروض التي دأب الحراك على إقامة فعالياته فيها، فتح الباب على مصراعيه لموجة عنف جديدة، هي الأخطر هذه المرة، خاصة بعد لجأت قوات أمنية وعسكرية إلى استخدام القوة المفرطة في قمع سيل بشري من الجنوبيين اتجهوا صوب ساحة العروض، راح ضحيتها أكثر من 12 شهيدا وعشرات الجرحى.
وعلى الرغم من شلال الدماء إلا أن تجمع الإصلاح الذي استقدم مناصريه من محافظات شمالية احتفل بالمناسبة تحت لعلعة الرصاص، ورقصوا رقصة البرع الشمالية الأصل في ساحة لم تشهد أبدا هذه الرقصة على مدى تاريخها.
وعلى إثر مسلسل القمع الذي دشن في عدن والقبضة الأمنية والعسكرية التي شهدتها ولا تزال تشهدها عدن والجنوب منذ الاربعاء الماضي، انفجرت موجات غضب عارمة في كثير من مدن الجنوب، تسببت في احراق بسطات ومحلات تجارية لشماليين لا دخل لهم فيما حصل، فضلا عن تعرض شماليين للقتل، واحراق مقرات للأحزاب والتنظيمات السياسية، معظمها لتجمع الإصلاح.
واليوم أخذ الأمر منحى خطير عندما وصلت ثقافة الكراهية إلى مدينة تعز كردة فعل على ما حصل في الجنوب ضد مواطنين ينتمون إلى محافظات الشمال.
وأكدت مصادر لـ"يمنات" أن شخص جرح في مدينة تعز اثر هجوم نفذه العشرات بينهم مسلحون على أملاك تتبع عدد من أبناء يافع بمحافظة تعز.
وأشارت المصادر أن المسلحين استولوا على أراضي وعقارات تتبع جنوبيين في حي الحوبان شرق مدينة تعز، وطالبوهم بالرحيل عن تعز، ردا على أعمال طرد تعرض لها أقرباء لهم بحضرموت.
وطبقا للمصادر فإن الأملاك التي تم السيطرة عليها تعود ملكيتها إلى عدد من أبناء يافع التابعة لمحافظة لحج الجنوبية، والتي يملكوها منذ سبعينات القرن الماضي، ومعظم هذه الأملاك تعود لكل من الشيخ علي صالح عبدالرحمن البعسي والشيخ محمد عبدالله بن هرهرة والشيخ صالح احمد بن عاطف جابر.
مصدر مقرب من أبناء يافع قال لـ"عدن الغد" ان عشرات الشباب بينهم مسلحون اقتحموا صباح اليوم أملاك أبناء يافع بمنطقة الحوبان وأطلقوا الرصاص ما أسفر عن إصابة شخص واحد على الأقل على خلفية ما قالوا أنها أعمال طرد تعرض لها شماليون في حضرموت، موضحا ان المقتحمين طالبوا ابناء يافع مغادرة تعز والعودة الى ديارهم سالمين.
وحسب المصدر فإن المسلحون اعتدوا على عدد من العمال وبسطوا سيطرتهم على أراضي وعقارات مطالبين ابناء يافع بالرحيل عن تعز والعودة إلى الجنوب.
وأكد المصدر ان السلطات الأمنية بتعز لم تحرك ساكنا حتى اللحظة وان المسلحين ما زالوا يسيطرون على أراضي أبناء يافع.
مراقبون اعتبروا أن ما حصل اليوم في تعز مؤشر على اندلاع موجة عنف وتوسع لدائرة ثقافة الكراهية إلى الشمال.
وحذروا من أن تكون هذه التطورات مقدمة لحرب أهلية ستطحن ما تبقى من مقومات الدولة تحت رحاها، وستحول البلد إلى صومال في جنوب الجزيرة.
وأشاروا أن طرفا ثالثا يعمل على تغذية هذه الثقافة وتوسيع رقعتها، بهدف الالتفاف على الحوار الوطني كاستحقاق وطني خلال المرحلة القادمة.
وأعتبر متابعون لما يجري أن هناك قوى تتخوف من استحقاقات الحوار الوطني وهي من تغذي موجة العنف، وهي ذاتها القوى التي غذت الصراع الطائفي بين الإصلاح "سنة" والحوثيين "شيعة"، وما زالت تدق الطبول لحرب سابعة في صعدة.